
تُعد محولات القوى الكهربائية من أهم المكونات في أي شبكة كهربائية، فهي العصب الذي ينقل الطاقة من مواقع التوليد إلى مواقع الاستهلاك بكفاءة وأمان. يؤكد الدكتور محمود جيلاني في كتابه “المرجع في محولات القوى الكهربائية” على أن المحولات ليست مجرد أجهزة ثانوية، بل هي عناصر حيوية تؤثر مباشرة على كفاءة واستقرار الشبكة بأكملها.
الدور الأساسي للمحولات: لماذا نستخدمها؟
الوظيفة الأساسية للمحولات هي رفع أو خفض الجهد، مما يؤدي إلى خفض التيار المنقول عبر خطوط النقل. هذا الخفض في التيار يؤدي إلى:
- تقليل الفقد في الطاقة أثناء النقل.
- تقليل الهبوط في الجهد على طول الخطوط.
- خفض تكاليف خطوط النقل والأبراج الحاملة لها، حيث يمكن استخدام موصلات أصغر حجماً وأقل عدداً.
على سبيل المثال، بدون المحولات، سيتطلب نقل طاقة قدرها 2400 ميجافولت أمبير بجهد 20 كيلوفولت استخدام عشرات الكابلات المتوازية، وهو أمر غير عملي بتاتاً. بينما مع استخدام محول رافع للجهد إلى 500 كيلوفولت، يصبح التيار المنقول منخفضاً جداً، مما يسهل عملية النقل ويقلل التكاليف.
التركيب الداخلي للمحول: بين القلب والملفات
يتكون المحول من جزأين رئيسيين:
- القلب الحديدي (Core):
- يصنع من شرائح رقيقة من الحديد السيليكوني المُوجه الحبيبات (CRGO) لتقليل الفقد الناتج عن التيارات الدوامية (Eddy Currents) والمفقودات التباطؤية (Hysteresis Losses).
- يعمل على توجية الفيض المغناطيسي ونقله بين الملفات بكفاءة عالية.
- الملفات (Windings):
- تصنع من النحاس أو الألمنيوم، وتلف بشكل دائري أو قرصي أو طبقي حسب التيار والجهد.
- تكون معزولة عن بعضها وعن القلب لضمان العزل الكهربائي ومنع حدوث قصر.
أنواع المحولات وتصنيفاتها
يمكن تصنيف المحولات حسب:
- مجال الاستخدام: محولات نقل الطاقة، محولات التوزيع، محولات التغذية، إلخ.
- عدد الأوجه: أحادية الطور أو ثلاثية الطور.
- طريقة التبريد: تبريد هوائي، تبريد زيتي، تبريد قسري.
- نسبة التحويل: محولات رافعة للجهد أو خافضة.
التشغيل المتوازي للمحولات
يتم توصيل عدة محولات على التوازي لتحقيق:
- موثوقية أعلى: في حالة عطل أحد المحولات، يمكن للآخرين متابعة التغذية.
- مرونة في الصيانة: يمكن فصل أحد المحولات للصيانة دون انقطاع التيار.
- توزيع الأحمال: خاصة عند وجود أحمال متغيرة.
ولكن يشترط للتشغيل المتوازي أن تكون:
- نسبة التحويل متطابقة.
- زاوية الإزاحة بين الجهد والتيار (Phase Displacement) متساوية.
- القطبية (Polarity) متطابقة.
- معاوقة التسرب (Impedance) متقاربة.
التحديات والمفقودات
تعاني المحولات من عدة أنواع من الفقد، أبرزها:
- الفقد في النحاس (I²R Losses): بسبب مقاومة الملفات.
- الفقد في الحديد (Core Losses): ويشمل فقد التباطؤ (Hysteresis) وفقد التيارات الدوامية (Eddy Currents).
- الفقد في العزل والتسرب المغناطيسي.
الملحقات والأجهزة المساعدة
لا يقتصر المحول على القلب والملفات فقط، بل يشمل أيضاً:
- خزان الزيت: للتبريد والعزل.
- خزان التمدد (Conservator): لتعويض تمدد الزيت.
- جهاز بوشهولتز (Buchholz Relay): للكشف عن الأعطال الداخلية.
- مغير الجهد (Tap Changer): لضبط نسبة التحويل حسب ظروف الشبكة.
الخاتمة
محولات القوى ليست مجرد مكونات سلبية في الشبكة، بل هي أنظمة معقدة ومتكاملة تلعب دوراً محورياً في استقرار وكفاءة نقل الطاقة. من خلال فهم مبادئ عملها وتركيبها وتشغيلها، يمكن للمهندسين تحسين أداء الشبكات وتقليل الفقد وضمان استمرارية التيار الكهربائي. كتاب الدكتور محمود جيلاني يظمر مرجعاً قيماً يجمع بين الأسس النظرية والتطبيقات العملية، مما يجعله دليلاً لا غنى عنه لمهندسي القوى الكهربائية.





