في شبكات الكهرباء الخاصة بالجهد المتوسط، كان معيد الوصل التقليدي (Traditional Recloser) هو الأداة الرئيسية المستخدمة في إعادة التيار الكهربائي إلى الخطوط التي تم فصلها نتيجة حدوث أعطال. كان يقوم معيد الوصل بمحاولة إعادة التيار إلى الخطوط عدة مرات في فواصل زمنية محددة مسبقًا. الهدف من هذه العمليات هو إعادة التيار عندما تكون الأعطال مؤقتة، مثلًا بسبب الرياح القوية أو طيور تلامس الأسلاك، حيث يكون العطل عرضيًا ويمكن زواله بسرعة. إلا أن هذه الطريقة كانت تأتي مع عدة مشكلات وآثار جانبية.
مشاكل معيد الوصل التقليدي:
- تكرار تيار العطل: عندما يتم إعادة التيار خلال العطل، يتعرض الكابلات والأسلاك الهوائية والمحولات والقواطع لتيار العطل أكثر من مرة. هذا يؤدي إلى تلف الأجهزة بشكل أسرع ويقلل من عمر المعدات.
- العطل المؤقت يتحول إلى دائم: في بعض الحالات، كان العطل المؤقت يتحول إلى عطل دائم بسبب الإجهادات المتكررة التي يتعرض لها النظام، مما يزيد من التكلفة ووقت الإصلاح.
- انقطاع التيار الكهربائي: إعادة التيار إلى الشبكة بعد العطل يعني أن المشتركين يعانون من انخفاض في جودة الطاقة وتكاليف إضافية بسبب أعطال المعدات المتكررة.
- ارتفاع تكاليف الصيانة: تكرار الحوادث بسبب إعادة التيار يؤدي إلى تلف الأجهزة مثل المحولات والكابلات، مما يتطلب صيانة إضافية وتحمل تكاليف إصلاح مرتفعة.
التوجه نحو الحلول الذكية:
بدأت العديد من الشركات المهتمة بوثوقية التغذية الكهربائية في البحث عن حلول تقنية حديثة لتجاوز المشاكل السابقة، وقد ظهرت تقنيات حديثة مثل PulseCloser و IntelliRupter و Fault Interrupter التي تعد بديلاً فعالًا لمعيد الوصل التقليدي.
ما هي الحلول الذكية (الشفاء الذاتي للشبكة)?
تعمل هذه الأجهزة الحديثة على تحديد العطل المؤقت أو الدائم بشكل أسرع وأكثر دقة من معيد الوصل التقليدي. كما أنها تقوم بفصل التيار عن الأجزاء المعطوبة فقط من الشبكة، بدلاً من فصل التيار عن كل الشبكة، مما يحسن وثوقية التغذية ويحد من الأضرار التي قد تنجم عن ذلك.
خصائص هذه الأجهزة الحديثة:
- التحديد السريع للأعطال: تقوم الأجهزة بتحديد العطل إن كان مؤقتًا أو دائمًا في أقل وقت ممكن.
- فصل الأجزاء المعطوبة: في حالة حدوث العطل، يتم عزل الأجزاء المتضررة فقط من الشبكة، وبالتالي تستمر باقي الأجزاء في العمل دون انقطاع.
- الاستعادة السريعة للطاقة: إذا كان العطل مؤقتًا، يتم استعادة التيار إلى الأجزاء السليمة من الشبكة في ثوانٍ معدودة.
- استخدام الذكاء الاصطناعي: في حالة الأعطال المستمرة، تقوم الأجهزة باستخدام برامج ذكية لفصل الجزء المعطوب وإعادة توجيه الطاقة من مصادر أخرى متاحة، مما يسمح بتوزيع التيار بشكل سريع وفعال.
- سرعة توجيه فرق الصيانة: تساعد هذه الأنظمة في تحديد مكان العطل بدقة، مما يساعد في توجيه فرق الصيانة بسرعة أكبر إلى المنطقة المتضررة.
تجربة تشاتانوغا في الولايات المتحدة:
في تشاتانوغا، ولاية تينيسي، تم استخدام الأنظمة الذكية في شبكة الكهرباء لتحسين وثوقية الخدمة الكهربائية وزيادة كفاءة استعادة التيار الكهربائي.
- التركيب: تم تركيب حوالي 1100 وحدة من هذه الأنظمة في تشاتانوغا، مع وحدة لكل كيلومتر من الشبكة الهوائية أو كل 150 مشتركًا.
- الأهداف: كان الهدف الرئيسي هو تحسين وثوقية الخدمة الكهربائية وتقليل انقطاع التيار الكهربائي في ظروف الطقس السيئة.
- النتائج: بعد تركيب هذه الأنظمة، تم تحسين وثوقية الخدمة بنسبة 40% وتخفيف مدة انقطاع التيار.
تحسن الأداء في حالات الطوارئ:
في تموز 2012، تعرضت تشاتانوغا لعاصفة قوية تسببت في انقطاع الكهرباء عن 80,000 منزل، ولكن بفضل استخدام الأنظمة الذكية:
- تم استعادة التيار الكهربائي لـ 53% من المنازل (42,000 منزل) أثناء العاصفة، في وقت قياسي.
- تم خفض الوقت الإجمالي لاستعادة التيار بنحو 17 ساعة، مما يعني توفيرًا كبيرًا في التكاليف وتحسين الخدمة للمشتركين.
الفوائد الاقتصادية:
- الوفورات المالية: ساعد هذا النظام في تقليل تكاليف انقطاع التيار الكهربائي بمقدار حوالي 40 مليون دولار سنويًا.
- تحسين الحياة المجتمعية: أدى تحسين التغذية الكهربائية إلى تعزيز الاقتصاد المحلي وجذب أصحاب الأعمال الجدد والمقيمين.
خلاصة:
تعد حلول الشفاء الذاتي للشبكة التي اعتمدتها تشاتانوغا مثالًا على الابتكار التكنولوجي الذي يعزز وثوقية التغذية الكهربائية. من خلال تحسين الكفاءة التشغيلية، تقليل الخسائر المالية، وضمان استمرارية الخدمة في الظروف الجوية القاسية، أصبحت هذه الأنظمة جزءًا أساسيًا في تطوير المدن الذكية التي تعتمد على الشبكات الذكية لتحسين حياة المواطنين.