المحولات الكهربائية

ضياعات الطاقة في المحولات الكهربائية وتأثيرها على الكفاءة

في العالم، يتم إضاعة حوالي 800 تيراوات ساعي (TWh) من الطاقة الكهربائية سنويًا بسبب الضياعات في المحولات الكهربائية. وهذه الضياعات تنجم عن الخسائر الثابتة والمتغيرة في المحولات، بما في ذلك الضياعات النحاسية (التي تحدث بسبب مقاومة الأسلاك الكهربائية) و الضياعات الحديدية (التي تحدث بسبب المغنطة في قلب المحولات). يمكن لهذه الضياعات أن تزود 250 مليون منزل بالكهرباء لمدة عام كامل، مما يبرز مدى أهمية تحسين كفاءة المحولات في توفير الطاقة وتقليل الفاقد.

أهمية تحسين كفاءة المحولات:

تحسين كفاءة المحولات الكهربائية لا يعني فقط تقليل الخسائر الاقتصادية الناتجة عن استهلاك الطاقة بشكل غير فعّال، بل أيضًا تقليل الانبعاثات الضارة الناتجة عن حرق الوقود لتوليد الكهرباء. من خلال خفض الخسائر، يمكن تقليل الحاجة إلى إنتاج المزيد من الكهرباء، وبالتالي تقليل التلوث البيئي.

الضياعات الحديدية (الثابتة) في المحولات:

الضياعات الحديدية هي تلك التي تحدث بسبب المغنطة في قلب المحول (المادة الحديدية داخل المحول التي تقوم بتحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة مغناطيسية). وتعتبر هذه الضياعات من النوع الثابت أو المستمر، أي أنها لا تعتمد على التحميل أو الزيادة في التيار الكهربائي، بل تكون موجودة بشكل دائم.

  • التوافقيات تلعب دورًا كبيرًا في زيادة هذه الضياعات، حيث إنها تؤدي إلى زيادة الترددات المغناطيسية في المحول، مما يؤدي إلى زيادات في الخسائر الحديدية. هذه الضياعات تنقسم إلى قسمين:
  1. قسم يتناسب مع التردد: حيث تزداد الضياعات مع زيادة الترددات.
  2. قسم يتناسب مع مربع التردد: حيث تزداد الضياعات بشكل أكبر عندما تزيد الترددات بشكل أكبر.

المادة الأساسية في المحولات التي تؤثر بشكل رئيسي في هذه الضياعات هي مادة القلب الحديدي للمحول، حيث إن هذه المادة هي التي تستقبل الطاقة الكهربائية وتحولها إلى طاقة مغناطيسية.

تكنولوجيا المعادن غير المتبلورة في المحولات:

أحد الحلول الحديثة لتقليل الضياعات الحديدية وتحسين كفاءة المحولات هو استخدام المعادن غير المتبلورة (Amorphous Metals) في قلب المحولات المغناطيسي. وتتميز هذه المواد بالعديد من الخصائص التي تجعلها أكثر كفاءة:

  • التركيب الذري العشوائي: في المعادن غير المتبلورة، لا تكون الذرات مرتبة في بنية بلورية محددة كما في المواد المعدنية التقليدية، بل تكون مرتبة عشوائيًا، مما يتيح لهذه المواد خصائص مغناطيسية أكثر مرونة وقوة.
  • سهولة المغنطة: هذه الخاصية تجعل هذه المواد قادرة على التحول بسهولة من مادة غير مغناطيسية إلى مغناطيسية باستخدام تيارات كهربائية ضعيفة، مما يقلل من الضياعات الناتجة عن المغنطة.

تم تطوير سبائك معدنية غير متبلورة تتكون من خليط من الحديد والسيليكون والبورون، وهو ما يجعلها مثالية لاستخدامها في المحولات الكهربائية. إن غياب البنية البلورية يسمح للمادة بأن تكون أكثر قوة ومرونة، مما يؤدي إلى تقليل الخسائر المغناطيسية بشكل كبير.

أداء المحولات باستخدام المعادن غير المتبلورة:

  • وفقًا للتكنولوجيا الجديدة، يمكن للمحولات التي تستخدم المعدن غير المتبلور (AMDT) أن تحسن كفاءة الطاقة بشكل كبير مقارنة بالمحولات التقليدية التي تستخدم القلب المغناطيسي الحديدي التقليدي.
  • تشير الدراسات إلى أن المعدن غير المتبلور يمكن أن يقلل الخسائر الثابتة بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بالمحولات التقليدية، مما يوفر كميات كبيرة من الطاقة ويقلل التكاليف التشغيلية.

منحنى كفاءة المحولات:

في المنحنى المرفق الذي يوضح كفاءة المحولات التي تعمل بقوة 2000 كيلو فولت أمبير (KVA) باستخدام القلب المغناطيسي التقليدي مقارنة مع القلب المغناطيسي الجديد (الذي يستخدم المعدن غير المتبلور)، يُلاحظ تحسن ملحوظ في الكفاءة عندما يتم استخدام المعدن غير المتبلور.

  • المحول التقليدي: يعاني من خسائر ثابتة كبيرة بسبب الخصائص المغناطيسية المحدودة للقلب الحديدي التقليدي.
  • المحول باستخدام المعدن غير المتبلور: يظهر تحسنًا ملحوظًا في كفاءة التشغيل بسبب التقليل الكبير للضياعات الحديدية، مما يزيد من كفاءة استخدام الطاقة.

الاستنتاج:

إضافة إلى تحسين كفاءة المحولات، يسهم استخدام المعادن غير المتبلورة في:

  • خفض الخسائر الثابتة (الضياعات الحديدية) بشكل كبير.
  • زيادة كفاءة تحويل الطاقة وتقليل التكاليف الاقتصادية الناتجة عن الضياعات.
  • تحسين أداء المحولات في الشبكة الكهربائية وزيادة عمرها الافتراضي.
  • تقليل الانبعاثات الضارة نتيجة لتقليل الحاجة إلى توليد طاقة إضافية.

تعد هذه التطورات في تكنولوجيا المحولات خطوة هامة نحو تحسين استدامة الطاقة وتقليل التكاليف البيئية والاقتصادية على مستوى عالمي.

زر الذهاب إلى الأعلى