ريليهات مقاومة القفز (Anti-Pumping) وريليهات الإنغلاق والإقصاء (Lockout): حارسي النظام الكهربائي

في عالم أنظمة القوى الكهربائية، حيث تتجاوز الفولتيات التي يتم التعامل معها آلاف الفولتات، لا مكان للأخطاء أو الإجراءات المتكررة غير المرغوب فيها. السلامة والاستقرار هما الركيزتان الأساسيتان. ومن بين العناصر الحيوية التي تضمن ذلك نجد نوعين محوريين من الريليهات (المرحلات): ريليهات مقاومة القفز (Anti-Pumping Relays) و ريليهات الإنغلاق والإقصاء (Lockout Relays). يعمل هذان الريليهان بتكامل ليكونا خط الدفاع الأخير لمنع الكوارث وحماية المعدات والبشر.
الجزء الأول: ريليه مقاومة القفز (Anti-Pumping Relay)
ما هي ظاهرة “القفز” (Pumping)؟
لتفسير عمل هذا الريليه، يجب أولاً فهم المشكلة التي يصمم لحلها. تخيل دائرة قاطع كهربائي (Circuit Breaker) يتم إغلاقها عن طريق مفتاح تحكم (Close Button). إذا كان هناك عطل دائم (مثل ماس أرضي) على الخط الذي يغذيه هذا القاطع، فإن以下 الأحداث ستحدث في تسلسل سريع ومدمّر:
- يقوم المشغل بالضغط على زر “الإغلاق”.
- يغلق القاطع الكهربائي.
- يكتشف ريليه الحماية (مثل ريليه التيار الزائد) العطل الدائم فورًا.
- يرسل ريليه الحماية إشارة “فتح” فورية إلى القاطع.
- يفتح القاطع ليفصل العطل.
- وهنا تكمن المشكلة: إذا كان زر الإغلاق لا يزال مضغوطًا، أو إذا كانت دائرة التحكم تسمح بإعادة الإغلاق تلقائيًا، فسيتم إرسال أمر إغلاق آخر إلى القاطع على الفور.
- يغلق القاطع مرة أخرى على العطل الدائم… وتتكرر الدورة.
هذه الدورة من “الإغلاق على العطل → الفتح → الإغلاق مرة أخرى” تسمى “القفز” (Pumping). هذا الفعل يتسبب في:
- تآكل وتلف سريع للجهاز الميكانيكي للقاطع الكهربائي.
- إجهاد حراري وديناميكي هائل على المحولات والمولدات بسبب تيارات القصر المتكررة.
- خطر انفجار القاطع بسبب عدم قدرته على تحطيم تيار القصر مرارًا وتكرارًا.
دور ريليه مقاومة القفز (APR):
ريليه مقاومة القفز هو جهاز تحكم يُصمم خصيصًا لمنع هذه الدورة المدمرة. يعمل كـ “ذاكرة” في دائرة التحكم تضمن إعطاء أمر إغلاق واحد فقط لكل أمر يدوي، بغض النظر عن المدة التي يظل فيها زر الإغلاق مضغوطًا.
مبدأ العمل:
- عند الضغط على زر الإغلاق: تصل الإشارة إلى ملف ريليه مقاومة القفز ويصلها أيضًا إلى ملف إغلاق القاطع عبر التلامس المغلق Normally Closed (NC) للريليه نفسه. يغلق القاطع.
- عند حدوث عطل وإرسال إشارة الفتح: عندما يفتح القاطع بسبب أمر من ريليهات الحماية، فإن أحد التلامسات المساعدة للقاطع (الذي يكون مفتوحًا عندما يكون القاطع مفتوحًا) يغلق. هذا التلامس المغلق الآن يغذي ملف ريليه مقاومة القفز، مما يجعله يعمل ويحتفظ بحالته.
- التأثير الحاسم: عندما يعمل ريليه مقاومة القفز، فإنه يفتح تلامسه NC في دائرة إغلاق القاطع. هذا الفعل يفصل دائرة الإغلاق تمامًا.
- حتى لو بقي زر الإغلاق مضغوطًا: لن تصل أي إشارة إغلاق إلى القاطع لأن الدائرة مقطوعة بواسطة تلامس الـ APR. يتم “قفل” وظيفة الإغلاق.
- إعادة التعيين: يعود ريليه مقاومة القفز إلى حالته الطبيعية فقط عندما يُطلق زر الإغلاق. هذا يكسر تغذية الملف، مما يسمح بإعادة ضبط النظام وجاهزيته لأمر إغلاق جديد.
باختصار، الـ APR يضمن “ضغطة زر، إغلاقة واحدة” حتى في وجود عطل دائم.
الجزء الثاني: ريليه الإنغلاق والإقصاء (Lockout Relay)
إذا كان ريليه مقاومة القفز هو “الحارس الذكي” الذي يمنع الإجراءات المتكررة، فإن ريليه الإنغلاق والإقصاء (LOR) هو “الحارس الثقيلي” أو “الصمام الطارئ” للنظام بأكمله.
الدور الأساسي:
ريليه الإنغلاق والإقصاء هو جهاز تحكم يعمل كريليه رئيسي يقوم بعزل وإقصاء (Trip) أجزاء كبيرة من النظام الكهربائي عند اكتشاف عطل خطير أو خطر وشيك. لا يتعامل مع عطل واحد في دائرة واحدة، بل يستجيب لعدة إشارات تحذيرية من مصادر مختلفة ويأخذ إجراءً جذريًا.
متى يتم تنشيطه؟
يتم تنشيط الـ LOR من قبل أنظمة الحماية التي تشير إلى وجود مشكلة نظامية خطيرة، مثل:
- فشل القاطع (Failure of Circuit Breaker): عندما يتلقى القاطع أمر فتح لكنه يفشل في التنفيذ.
- حماية التفاضلية (Differential Protection) للمحولات أو القضبان (Busbars)، والتي تشير إلى عطل داخلي خطير.
- انخفاض التردد الخطير (Under Frequency).
- تفريغ الغرفة (Gas Pressure Relay) في محطات GIS.
- إشارات الطوارئ اليدوية (Emergency Push Buttons).
مبدأ العمل والتصميم “اليدوي الفReset”:
السمة المميزة لريليه الإنغلاق والإقصاء هي تصميمه “اليدوي الإعادة” أو “المغلق بالطاقة، والمفتوح يدويًا”. هذا يعني:
- عند تلقي إشارة حماية، يعمل الـ LOR ويقفل في هذه الحالة.
- يغير عدة تلامسات (تلامسات تحكم) في وقت واحد.
- تقوم هذه التلامسات بـ:
- إعطاء أمر فتح (Trip) لجميع قواطع الدائرة المرتبطة بالمنطقة المعطلة.
- تعطيل دوائر الإغلاق (Close) لهذه القواطع، تمامًا كما يفعل الـ APR ولكن على نطاق أوسع.
- تشغيل إنذارات (صفارات، أضواء) للإشارة إلى وجود حالة إنغلاق.
- الأهم من ذلك: يبقى الـ LOR في حالة العمل حتى بعد زوال سبب التنشيط. لا يعود تلقائيًا.
- لإعادة التعيين: يجب على الفني أو المهندس الذهاب فعليًا إلى موقع الريليه والضغط يدويًا على زر إعادة الضبط (Reset Button). وهذا يتطلب فحصًا دقيقًا للنظام لتحديد سبب التنشيط وإصلاحه قبل إعادة التشغيل.
لماذا هذا التصميم ضروري؟
يمنع التصميم اليدوي للإعادة التشغيل العشوائي أو التلقائي للمعدات بعد حدوث عطل خطير. فهو يفرض تدخلًا بشريًا للتأكد من أن السبب الجذري قد تم حله، مما يضمن سلامة طاقم الصيانة وسلامة النظام.
الخلاصة: تكامل الأدوار
| الميزة | ريليه مقاومة القفز (APR) | ريليه الإنغلاق والإقصاء (LOR) |
|---|---|---|
| الهدف الأساسي | منع الإغلاق المتكرر للقاطع على عطل دائم. | عزل جزء كبير من النظام استجابة لعطل خطير. |
| النطاق | محلي (يرتبط بقاطع كهربائي واحد). | شامل (يرتبط بعدة قواطع أو نظام كامل). |
| سبب التنشيط | محاولة إغلاق على عطال مع وجود أمر إغلاق مستمر. | أعطال نظامية خطيرة (تفاضلي، فشل قاطع، طوارئ). |
| طريقة الإعادة | تلقائية (بإطلاق زر الإغلاق). | يدوية (يتطلب فحص وإعادة ضبط بواسطة عامل). |
| التأثير | يحمي القاطع الميكانيكي من التلف. | يحمي النظام بأكمله من الانهيار والكوارث. |
في الختام، يعمل هذان الريليهان كفريق متكامل. يحمي الـ APR القواطع الفردية من التلف الذاتي، بينما يعمل الـ LOR كحارس نهائي يضحي بجزء من النظام (بإيقافه) لإنقاذ الكل. معًا، يشكلان دفاعًا حيويًا لا غنى عنه في تصميم أنظمة التوزيع والحماية الكهربائية الحديثة، مما يضمن موثوقية واستقرار شبكات الكهرباء التي نعتمد عليها يوميًا.





